نبذة عن تاريخ جورجيا: جورجيا من الدول التي يذخر تاريخها بالكثير من الأحداث الممتعة، والتي تُشير إلى أن شعبها مليء بروح الكفاح، على الرغم من هذا فإنها قاومت وأصبحت من أولى الوجهات السياحية التي يرغب الكثيرين في قضاء عطلاتهم بها. في السطور القادمة سنتعرف سويًا على تاريخ جورجيا.
جورجيا في العصر اليوناني
في القرن الثاني قبل الميلاد بدأت علامات وجود جورجيا والتي تقع على ساحل البحر الأسود. وفي العصر اليوناني زار أبطال الأساطير اليونانية جورجيا، أبرزهم أبطال أسطورة أرغونوتس الذين قاموا بزيارتها لكي يستولوا على الصوف الذهبي. وهي قصة شهيرة ارتبطت بطريقة تعدين الذهب والتي كان أهل ولاية جورجيا يستخدمونها.
حيث قام أهل جورجيا باستخدام صوف الأغنام في جبال الأنهار لتنظيف المياه التي اختلطت بالوحل والذهب، ومن ثم يتمكنون من الحصول على الذهب الخالص.
شاهد: السياحة في بورجومي وأفضل 8 أنشطة بها 2021
الوجود الروماني في ولاية جورجيا
كما ذكرت أن جورجيا محط لأنظار العالم منذ القدم، حيث قام الرومان بعد ورودهم على بلاد فارس باستهدافها بالتدريج. فقد أرسل الرومان قواتهم بقيادة بومبي قائدهم الشهير عام 66 قبل الميلاد لغزوها. وتركت الحضارة الرومانية عدد من الآثار التي أبرزها الجسر الحجري والذي قام ببنائه بومبي، ويُذكر أنه ما زالت بعض بقاياه موجودة، ومن هنا اعتبرت جورجيا حليف قوي للكيان الروماني، وذلك في بداية القرن الأول قبل الميلاد.
دخول المسيحية
دخلت الديانة المسيحية إلى دولة جورجيا والتي كانت ثاني دولة تدين بهذه الديانة الجديدة والتي اعتمدتها كديانة رسمية عام 337 ميلادية. وهو ما أثر بدوره على كيفية تطور مستقبل الشعب في جورجيا، حيث كانت الديانة المسيحية هي التوجه الأساسي لأوروبا بشكل عام، وروما بشكل خاص.
وقد انطلقت مملكة إيبيريا الشرقية عام 327 ميلادية إلى اعتماد المسيحية، حيث قام الملك ميريان الثالث الإيبيري كدين رسمي لدولته.
شاهد: السياحة في باتومي وأبرز 10 معالم سياحية بها
وقد أوضحت السجلات القديمة في جورجيا أن القديس نينو من كابادوسيا هو أول من قام بتحويل الديانة في جورجيا إلى المسيحية، ومن هنا أصبحت جورجيا دولة مسيحية بشكل رسمي عام 330 ميلادية. وقد أثبتت الوثائق التاريخية كذلك اعتماد الديانة المسيحية كديانة رسمية في كل من ممالك إيبيريا ولازيكا، والتي بذلك أصبحت مرتبطة بشكل أو بآخر بالإمبراطورية البيزنطية، وهو ما جعل لها تراث ثقافي بيزنطي قوي.
خضعت بعد ذلك جورجيا للحكم الفارسي خلال القرنين الرابع والخامس الميلادي، حتى انقضت هذه الفترة على يد الملك الجورجي فختانج جورجاسالي، حيث أعلن ولايته عليها في القرن الخامس الميلادي، ولكن هذه الفترة لم تدوم بعد وفاته، فقد عادت جورجيا بعدها إلى إقليم فارسي.
واستمرت الصراعات ما بين الحكم الفارسي والبيزنطي حتى بدأت مرحلة الفتح العربي، بحلول أواخر القرن السابع الميلادي، حيث أصبحت جورجيا في هذه المرحلة تحت سيطرة الحكم العربي الإسلامي، خصوصًا الأجزاء الشرقية منها، واستمرت هذه المرحلة ما يُقارب أربعة قرون.
مملكة جورجيا الأولى
قامت مملكة جورجيا المتحدة الأولى في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، حيث نشأت مملكة تاو كلارجيتي في البداية، حينما بدأت العائلة المالكة في باجراتيري بقيادة آشوت كورا بالات بتحرير جنوب جورجيا من العرب، واستأنف الغزو بعد ذلك في القرن العاشر الميلادي، وفي النهاية ورث باجرات الثالث العرش وقام بضم إرتي وباجرات كاخيتي، وبهذا أصبح هو أول ملك لمملكة جورجيا الموحدة.
النهضة الجورجية والغزو التركي
على الرغم من استقرار الوضع الذي عاشته جورجيا في الفترة اللاحقة، إلا أن النصف الثاني من القرن الـ 11 زخر بعدد من الغزوات التي شنها الأتراك السلجوقيين عليها، حيث قاموا ببناء إمبراطورية ضخمة تتميز بالبدوية، واستطاعوا بدورهم ضم أرمينيا إليهم إلى جانب بلاد سوريا وما بين النهرين، ومعظم جورجيا حتى عام 1018 ميلادية. دمر الأتراك السلجوقيين جورجيا، بينما كانت المناطق الجبلية هي المناطق الوحيدة التي لم تخضع للاحتلال التركي، وهو ما جعلها ملاذ آمن للجورجيين النازحين حينذاك.
كان الحاكم في هذا الوقت هو الملك داود الرابع الذي قام بتكوين جيش نظامي ليتمكن من مقاومة استعمار السلاجقة لبلاده، ولكنه بنهايات عام 1099 الميلادي توقف عن دفع المال المفروض من قِبل الأتراك. ومن هنا تمكن من تحرير جورجيا ما عدا هيريتي وتبليسي، بينما تمكن ديفيد تبيليسي البلاد بعد هزيمته للسلاجقة في معركة ديدجوري، وهي من أكثر المراحل ازدهارًا في تاريخ جورجيا. توالت بعد ذلك الفتوحات الجورجية في البلاد التي حولها، حيث حصلت جورجيا في هذا الوقت على لقب الملكة تمار، حيث وصلت نفوذها إلى الأراضي البيزنطية السابقة في بارادريا ولازونا، وغزت شمال بلاد فارس.
الغزو المغولي لجورجيا
تمكن المغول في القرن الثالث عشر من الاستيلاء على معظم أرمينيا وجورجيا، على الرغم من المقاومة القوية التي أبدتها هذه المناطق، واستمر هذا الغزو لأكثر من نصف القرن، وحفتها الكثير من قصص المقاومة والاستبسال.
واستعاد الملك جورج بريليانت حدود جورجيا ما قبل عام 1220، وأعاد كذلك إمبراطورية تريبيزوند للسلطة الجورجية. ولم تكد تستوعب جورجيا فرحة النصر، إلا وظهرت تكتلات استعمارية أخرى تمثلت في الإمبراطورية الفارسية في الشرق والعثمانية في الغرب، وهو ما جعل جورجيا هي مقر صراع هاتين القوتين.
عانت جورجيا من أجل أن تحصل على استقلالها حيث أنها عانت من الفقر بسبب هذه الحروب المستمرة، وهو ما جعل الاقتصاد الجورجي في انحدار. وهو ما جعل الملك إيركلي الثاني يتجه للاحتماء بروسيا المسيحية للحماية من الغزو الفارسي والعثماني، فقد كانت الإمراطورية الروسية في هذا الوقت كاثوليكية، وحرصت بشكل كبير على الحفاظ على جورجيا كحليف لها في حربها ضد الأتراك.
وقد ساعدت بالفعل الإمبراطورية الروسية جورجيا، وقامت في المقابل بضم عدة أجزاء منها إلى الإمبراطورية، وهي الخطوة التي جعلت جورجيا المملكة الموحدة تفقد استقلالها.
شاهد: السياحة في جورجيا وأهم المعالم السياحية بها 2021
الاستقلال في العصر الحديث
عندما حاولت روسيا دمج جورجيا بالكامل في الإمبراطورية الروسية، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدأت الحركة الوطنية الجورجية في الانطلاق، حيث أعلن الجورجيون لأول مرة عن سخطهم من هذا الاحتلال، خاصة بعد السيطرة الاقتصادية الأرمينية التي تعرضت لها جورجيا، وبالتالي، فإن حركة التحرير الوطنية قامت بإعلان استقلال جمهورية جورجيا الديمقراطية المستقلة.
الاستقلال عن السوفييت
بعد حصول جورجيا على استقلالها، والتي امتدت لثلاث سنوات فقط من 1918 وحتى 1921، إلا أنها تعرضت للغزو مرة أخرى في فبراير عام 1921 ميلادي من قوات الجيش الأحمر. وتم إدراج جورجيا بشكل قسري في الاتحاد السوفيتي السابق، والذي ضم أرمينيا وجورجيا وأذربيجان وتم تسميتهم باتحاد القوقاز، وكانت حقبة عنيفة وقاسية من الاحتلال، وهو ما أدى إلى عدة اشتباكات عام 1978 بعد قرار موسكو بمراجعة الوضع الدستوري للغة الجورجية، والتي تعتبر اللغة الرسمية للبلاد.
واستخدمت القوات السوفيتية القوة لتفريق المظاهرات في تبليسي، وسقط 20 قتيل في هذه الاشتباكات، وسقط كذلك المئات من الجرحى، وأصيب العديد بالتسمم. وبعد ضغط المعارضة الجورجية على الحكومة الشيوعية بالخروج في العديد من المظاهرات الشعبية والاحتجاجات، أعلنت الحكومة عن عقد انتخابات برلمانية متعددة الأحزاب والتي اتسمت بالديمقراطية. ومن هنا، فإن قائمة جورجيا الحرة حصلت على 54 % من الأصوات، وأعلن كذلك الزعيم الجورجي زفياد جامسا خورديا عن استفتاء حول استقلال جورجيا عن الاتحاد السوفيتي، وأتت النتائج واعدة، حيث حصل على موافقة بنسبة 98.9 % من المشاركين في الاستفتاء. ومن هنا أعلنت جورجيا عن استقلالها الرسمي في إبريل من عام 1991 ميلادي.
مرجع: